للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتشابه لما كان لهم على العامة فضيلة ومزية؛ لأن كلًّا من الراسخين

في العلم والعامة يقولون: (آمنا به) .

جوابه:

نجيب عن ذلك بأن اللَّه تعالى قد جعل للراسخين في العلم فضيلة

ومزية عن طريق علمهم بالآيات المحكمة، وفهمهم لها وبيانها للناس،

وتوضيح ما التبس منها لهم، ولهم أجر على ذلك كما هو معلوم،

ثم إن الراسخين في العلم قد علموا ما ورد عن اللَّه سبحانه وتعالى،

دون الوقوف على كنه ذاته وصفاته، ولم يخرجهم ذلك عن كونهم

من الراسخين في العلم.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف في هذه المسألة لفظي؛ وذلك لأن هذا الخلاف راجع إلى

مقصد، ومراد كل من الطرفين، فأصحاب المذهب الأول - وهم

القائلون: إن الراسخين في العلم لا يعلمون المتشابه - أرادوا بذلك:

أنهم لا يعلمون حقيقة المتشابه، وإنما ذلك إلى اللَّه تعالى.

وأصحاب المذهب الثاني - وهم القائلون: إنهم يعلمون تأويل

المتشابه - أرادوا بذلك أنهم يعلمون ظاهره، ولا يعلمون حقيقته.

فالاتفاق حاصل على أن الراسخين في العلم لا يعلمون حقيقة

المتشابه؛ لأن علم ذلك قد استأثر اللَّه به.

قال ابن تيمية - رحمه اللَّه -: " وكلا القولين حق، فمن قال:

لا يعلم تأويله إلا اللَّه فمراده: ما يؤول إليه الكلام من الحقائق التي

لا يعلمها إلا اللَّه، ومن قال: إن الراسخين في العلم يعلمون

التأويل فالمراد به: تفسير القرآن الذي بيَّنه الرسول والصحابة ".