نفرق بين ما علمنا وبين ما لم نعلم، إلا أن المحكم نؤمن به عن فهم
وإدراك المراد، أما التشابه فإنا نؤمن به عن تفويض وتسليم.
الدليل الثاني - من الأدلة على أن الوقف الصحيح على قوله:
(إلا الله) - ما روي عن بعض الصحابة من القراءات التي تدل على
أن الوقف الصحيح على قوله: (إلا الله) ؛ حيث روي عن ابن
عباس أنه قرأ: " وما يعلم تأويله إلا اللَّه ويقول الراسخون في العلم
آمنا به "، وروي عن أبي أنه قرأ: " ويقول الراسخون في العلم آمنا
به "، وروي عن ابن مسعود أنه قرأ: " إن تأويله إلا عند الله
والراسخون يقولون ".
وهذه الروايات عن هؤلاء الصحابة إن ثبتت أنها قراءة فهي حُجَّة -
كما قلنا فيما سبق - وإن لم تثبت قراءة فهي خبر، وإن لم يثبت
ذلك فهي تفسير من صحابي فيقبل؛ حيث إن كلامه يقدم - في
الشرع - على من هو دونه؛ لأن الصحابة شاهدوا التنزيل،
وحضروا النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم أعلم من غيرهم في ذلك.
المذهب الثاني: أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه،
ويدركون معناه.
روي ذلك عن مجاهد والضحاك، وذهب إليه أبو إسحاق
الشيرازي، والمعتزلة، وأبو الحسن الأشعري، والآمدي، والنووي،
وابن الحاجب.
دليل هذا المذهب:
استدل أصحاب هذا المذهب بقوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا
الله والراسخون في العلم يقولون) ، حيث قالوا: إن " الواو " في
قوله: (والراسخون) عاطفة، فعلى هذا يكون الراسخون في
العلم يعلمون تأويله؛ إذ لو كان الراسخون في العلم لا يعلمون