الدليل الثاني: أن المشترك اللفظي قد وقع في القرآن، بحيث يرد
اللفظ فيه فيتردد الذهن بين معنيين له أو أكثر.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) ،
والقرء يصلح للطهر والحيض.
فجاء لفظ " القرء " بمعنى الطهر فى قول الأعشى:
أفي كل عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة عزاً وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
أي: ضيع أطهارهن في غزواته، فالقرء هنا: الطهر.
وجاء لفظ " القرء " بمعنى: الحيض في قول الشاعر:
يا رب ذي طعن علي فارض ... له قروء كقروء الحائض
أي: أنه لما طعن كان له دم كدم الحائض.
وبسبب هذا اللفظ المشترك اختلف العلماء في عدة المطلقة الحائض
على رأيين:
الرأي الأول: أن عدتها ثلاث حيضات؛ استناداً إلى أن المراد بالقرء
الوارد في الآية هو: الحيض.
الرأي الثاني: أن عدتها ثلاثة أطهار؛ استناداً إلى أن المراد بالقرء
الوارد في الآية هو: الطهر.
واستدل كل فريق من العلماء بأدلة قد ذكرت أكثرها في " إتحاف
ذوي البصائر بشرح روضة الناظر "، فراجعه من هناك.
ومن ذلك - أي: من الألفاظ المشتركة الواردة في القرآن - قوله
تعالى: (والليل إذا عسعس) ، فإن لفظ " عسعس " يأتي بمعنى
"أقبل "، و " أدبر " على سبيل الاشتراك ذكره الجوهري في الصحاح.