اعتراض على ذلك:
اعترض معترض قائلاً: إن القرء ليس مشتركاً بين " الطهر "،
و"الحيض "، بل هو موضوع للقدر المشترك بينهما، واختلف في
تعيين ذلك المشترك على أقوال.
أولها: أنه " الجمع " من قول القائل: " قريت الماء في
الحوض ": إذا جمعته فيه، والدم يجتمع في زمن الطهر في الجسد،
وفي زمن الحيض في الرحم.
ثانيها: أنه الانتقال، فالانتقال يُسمَّى قرءاً لغة، فالحائض تنتقل
من الطهر للحيض، وتنتقل من الحيض للطهر.
ثالثها: أنه الزمان تقول العرب: " جاءت الريح لقرئها " أي:
لزمانها، والحيض له زمان، والطهر له زمان، فسميا قرءاً لذلك.
وكذلك قالوا: إن لفط " عسعس " ليس مشتركا، بل هو
متواطئ، نظراً للقدر المشترك بينهما، وهو: اختلاط الظلام بالضياء.
وفعلوا ذلك في كل مشترك فردوا ذلك إلى التواطؤ، أو الحقيقة
والمجاز.
جوابه:
نجيب عن ذلك الاعتراض: بأن هذه التأويلات يمكن أن تسوغ
وتقبل لو امتنع ثبوت المشترك في اللغة، ولكن الحقيقة: أن لفظ
"القرء " ولفظ " عسعس " من الألفاظ المشتركة، وهذا ثابت في
اللغة كما سبق بيان ذلك، وهذه التأويلات التي ذكرها المانعون من
ثبوت المشترك متكلَّفة، وليس لأحد أن يتعسف التأويل.