التعريف الأول: أنه: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متأخر عنه.
اختار ذلك: القاضي أبو بكر الباقلاني، والغزالي، وأبو إسحاق الشيرازي، والآمدي، وابن الحاجب، والتبريزي.
وهو الحق عندي؛ لكونه جامعاً مانعاً، وإليك بيان وشرح ذلك:
إن هناك حكماً قد ثبت بخطاب شرعي متقدم، فجاء خطاب آخر
من الشارع - فجأة - وهو متأخر عن الأول فرفع ذلك الحكم مثل:
أن اللَّه تعالى حكم بأن عدة المتوفى عنها زوجها حول كامل، وذلك
بخطاب شرعي وهو قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) بعد ذلك بزمن
رفع هذا الحكم بخطاب متأخر عنه، وهو قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) .
فالرفع هو إزالة ذلك الحكم على وجه لولا هذا الرفع لبقي الحكم
ثاشاً مستمراً يعمل به.
فالنسخ - إذن - قطع لدوام الحكم فجأة، لا بيان انتهاء مدته.
وهناك فرق بين قطع دوام الحكم، وبين انتهاء المدة، يتبين ذلك
الفرق إذا فرقنا بين فسخ الإجارة، وانقضاء مدتها، بيان ذلك:
الإجارة هي: عقد على منفعة لسنة كاملة - مثلاً - فإذا رفعت
الإجارة بالفسخ، فإن ذلك يغاير زوالها بانقضاء مدتها؛ لأن فسخ
الإجارة: قطع لدوامها لسبب خفي عن المتعاقدين عند ابتداء العقد.
أما إنقضاء مدة الإجارة فهو ارتفاع حكمها لسبب قد علمه