للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يسمى نسخاً؛ لأن الحكم المرفوع - وهو حكم العقل، أو حكم

النفي الأصلي - لم يكن ثابتا بخطاب من الشارع متقدم، بل هو

ثابت بالأصل؛ لأن الأصل براءة الذمة.

وقيدنا التعريف بالخطاب المتأخر للاحتراز من زوال الحكم بدون

خطاب كالموت والجنون؛ لأنه من المعلوم: أن من مات أو جن فإن

التكاليف ترتفع عنه، ولا يسمى ذلك نسخاً؛ لأن رفع الحكم عنهما

لم يكن بخطاب، بل بسبب الموت والجنون.

وقلنا: " بخطاب متأخر عنه " لبيان أنه يشترط: تأخر الخطاب

الثاني - وهو الناسخ - عن الخطاب الأول المثبت للحكم الأول

المنسوخ.

واشتراط التأخر - هنا - لإخراج المخصِّصات المتصلة، كالشرط،

والغاية، والاستثناء.

مثال الشرط قولك: " أنت طالق إن دخلت الدار "، فإن قولك:

" إن دخلت الدار " شرط قد رفع حكم عموم وقوع الطلاق الذي

دلَّ عليه قوله: " أنت طالق "، وهذا لا يسمى نسخا وإن كان رفعا

لحكم بخطاب؛ لأن الخطاب غير متأخر.

ومثال الغاية قوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) ، فإن

مجيء الليل لا يكون نسخاً للصوم؛ لأنه وإن كان رفعاً لحكم

بخطاب إلا أن هذا الخطاب غير متأخر، بل هو متصل، فهو قد

انتهى بانتهاء غاية الحكم وانقضاء وقته.

ومثال الاستثناء قولك: " أنت طالق ثلاثا إلا واحدة "، فإن هذا

الاستثناء قد رفع عموم الطلاق الثلاث حتى ردَّه إلى اثنتين، فهذا