للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخالفها فيه، فالأحكام التي كانت عليهم لا تلزمنا، ولسنا مطالبين

بها إذا لم يرد بها شرعنا.

الدليل الثاني: وقوع النسخ في الشريعة، والوقوع دليل الجواز:

فقد وقع في شريعتنا نسخ بعض الأحكام بعد ثبوتها، ومنها:

١ - أنه نسخ وجوب التربص حولاً كاملاً عن المتوفى عنها زوجها

بالتربص أربعة أشهر وعشراً، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) ، ثم

قال: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) .

٢ - أنه نسخ وجوب التوجه إلى بيت المقدس باستقبال الكعبة،

قال اللَّه تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) ، وقال: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) .

٣ - أنه نسخ صوم يوم عاشوراء بصوم رمضان.

٤ - أنه نسخ وجوب ثبات الواحد للعشرة، فقال تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) نسخ ذلك بقوله: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) .

وهناك أمثلة كثيرة ستأتي أثناء كلامنا عن بقية مسائل النسخ.

الدليل الثالث: قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) .

وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى بيَّن أنه إذا نسخ آية أورد مكانها آية

أخرى، وكلام اللَّه صدق، فالنسخ جائز.

وسبب نزول الآية يؤيد ذلك: حيث إن سببها هو: أن اليهود

عابوا على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - تحوله عن بيت المقدس إلى البيت الحرام،