للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: إن محمداً يأمر بالشيء ثم ينهى عنه، فأنزل اللَّه تعالى تلك

الآية رداً عليهم، فهذا يدل دلالة واضحة على جواز النسخ؛ لأنها

ردت عليهم في شيء عابوه قد وقع فعلاً.

ما اعترض به على الاستدلال بهذه الآية:

الاعتراض الأول: أن المراد من النسخ - في هذه الآية -:

الإزالة، ونسخ الآية إزالتها عن اللوح المحفوظ.

جوابه:

يجاب عنه بأنا لا نُسَلِّمُ ذلك، لأنه معلوم أن القرآن كله خير من

غير تفاوت فيه، فلو كان المراد من نسخ الآية إزالتها عن اللوح

المحفوظ، وكتابة آية أخرى بدلها: لما تحقق هذا الوصف - وهي

الخيرية بالنسبة لنا - وإنما تتحقق الخيرية بالنسبة إلينا فيما يرجع إلى

أحكام الآيات المرفوعة عنا والموضوعة علينا من حيث إن بعض

الأحكام قد يكون أخف من بعض فيما يرجع إلى تحمل المشقة، أو

أن ثواب البعض أجزل من ثواب البعض الآخر من الأحكام - على

خلاف بين العلماء - فوجب حمل النسخ على أحكام الآيات

الموجودة في المصحف لا على ما ذكره المعترض.

الاعتراض الثاني: أنه ليس المراد من الآية النسخ، وإنما المراد

التخصيص.

جوابه:

يجاب عنه بأن هذا غير صحيح لأمرين:

أولهما: أن لفظ الآية هو: " ما ننسخ "، والنسخ غير التخصيص،

فكل واحد منهما له مفهوم يخالف الآخر كما سبق بيان ذلك.