المذكورة، وأصحاب المذهب الثاني وهم القائلون: إن العلم
الحاصل بالتواتر نظري لا ينازعون في أن العقل يضطر إلى التصديق
إليه، وإذا وافق كل فريق ما يقوله الفريق الآخر في حكم هذا العلم
وَصفيه لم يبق النزاع بينهما إلا في اللفظ.
***
المسألة الثالثة: في شروط المتواتر المتفق عليها:
إن هناك شروطاً قد اشترطت لخبر التواتر حتى يكون مفيداً للعلم،
وإليك الشروط المتفق عليها:
الشرط الأول: أن يكون المخبرون عالمين بما أخبروا به، أي: قد
علموه ضرورة عن طريق إحدى الحواس الخمس كان يقولون: "رأينا
الهند "، أو " سمعنا قيصر يقول "، أو " لمسنا الثلج فوجدناه باردا"
أو نحو ذلك.
دليل هذا الشرط: أن ما لا يكون كذلك، فإنه يحتمل أن يدخله
عدة احتمالات من غلط، أو سهو، أو غفلة، فلا يحصل به
العلم، كذلك لو تواترت أخبارهم عن شيء قد علموه عن طريق
النظر والاستدلال، فإنه لا يحصل العلم لنا بتلك الأخبار؛ - لأن
العلم قد حصل لنا بالطريق الذي حصل لهم من النظر والاستدلال.
فمثلاً لو أخبرنا العدد الكثير بأن الأنبياء صادقون، فإنه لا يحصل
لنا العلم بهذا عن طريق خبرهم، بل إنه حصل لنا العلم بذلك عن
طريق النظر والاستدلال، فننظر ونستنبط مثل المخبرين، بخلاف ما
لو أخبرونا عن شيء محسوس، فإنه لا يمكننا أن نشاهد الهند، أو
نلمس الثلج إذا كنا لا نعرف ذلك وليس ببلادنا.
الشرط الثاني: أن يكون حال وعدد من نقل عن الأولين كحال