للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للقرآن والممئُنَّة المتواترة - كما سبق بيانه - دلَّ على أن مرتبته أضعف

من مرتبتهما، فدلَّ على أنه لا يفيد العلم مثلهما، بل يفيد الظن.

المذهب الثاني: أن خبر الواحد يفيد العلم.

ذهب إلى ذلك كثير من أهل الظاهر كداود الظاهري، والحسين

الكرابيسي، والحارث المحاسبي، وابن حزم، واختاره بن خويز

منداد من المالكية، وهو رواية عن الإمام أحمد.

دليل أصحاب هذا المذهب:

لقد استدل لهذا المذهب بقوله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ، وقوله: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ، ثم أمرثا

بالعمل بخبر الواحد، وهذا الأمر يدل على أن خبر الواحد يفيد

العلم.

جوابه:

يجاب عنه: بأن وجوب العمل بخبر الواحد لا يدل على أنه يفيد

العلم؛ إذ لو كان لا يفيد العلم لم نعمل به هذا غير مراد، وإنما

العمل بخبر الواحد لا يقف على كونه مفيداً للعلم، وإنما وجب

العمل بغلبة الظن كما وجب العمل بالقياس، وكما وجب العمل

بقول الشاهدين، وكما وجب العمل بقول المفتي.

المذهب الثالث: أن خبر الواحد مفيد للعلم إذا كان في رؤية الله

تعالى وما ماثلها ممن توفرت فيه أمور ثلاثة: كثرة رواته، وتلقي

الأُمَّة له بالقبول، ودلالة القرائن على صدق راويه.

وهذا رواية عن الإمام أحمد.