للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا سمع الخبر وهو صبي وتحمَّله قبل البلوغ، وكان مميزاً

ضابطاً لذلك الخبر، لكنه لم يؤده ولم يخبر به إلا بعد البلوغ

وظهور رشده في دينه، فإن خبره مقبول؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: إجماع الصحابة والسلف على قبول أخبار وروايات

أصاغر الصحابة - وهم الذين توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم لم يبلغوا - كابن عباس، والحسن، والحسين، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن جعفر، والنعمان بن بشير، وأنس بن مالك، وعائشة أم المؤمنين،

وغيرهم من أحداث الصحابة - رضي اللَّه عنهم أجمعين - فقُبل منهم

كل خبر يروونه من غير تفريق بين ما تحملوه في حالة الصبا، وما

تحملوه بعد البلوغ.

الدليل الثاني: أن السلف والخلف قد درجوا على إحضار الصبيان

مجالس سماع الأحاديمث والأخبار، ولو كان خبر الصبي غير مقبول

إذا أداه وهو بالغ لما كان لإحضاره في هذه المجالس وهو صبي فائدة،

فثبت أن فائدة إحضارهم لصبيانهم - تلك المجالس هي: قبول تلك

الأخبار اِذا أدوها بعد البلوغ.

الدليل الثالث: قياس الرواية على الشهادة، بيان ذلك:

أنه مع أن العلماء يحترزون في الشهادة أكثر من الرواية، فقد

أجمعوا على أن ما تحمله الصبي من الشهادة قبل البلوغ إذا شهد به

بعد البلوغ، فإنه مقبول، فالرواية أَوْلى بالقبول، أي: إذا جاز أن

يتحمل الشهادة صبياً، ويشهد بها بعد البلوغ، فمن باب أَوْلى جواز

تحمل الرواية في حالة الصبا وأداءها بعد البلوغ؛ لأن الشهادة يحترز

منها أكثر من غيرها.