للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سماعه، ولا قراءته، لكن غلب على ظنه سماعه كما يراه من خطه

الذي توثق منه، فهل يجوز له روايته والعمل به؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يجوز له روايته، والعمل به.

ذهب إلى ذلك الإمام الشافعي، كما نسبه إليه الآمدي في

"الإحكام "، والإمام أحمد كما ذكر ذلك أبو يعلى في " العدة "،

وأبو الخطاب في " التمهيد "، واختاره أبو يوسف، ومحمد بن

الحسن، كما ذكر ذلك السرخسي في " أصوله ".

وهذا هو الصحيح عندي؛ لدليلين:

الدليل الأول: رجوع الصحابة إلى كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - والعمل عليها، فقد كان الصحابة - رضوان اللَّه عنهم - يعتمدون على كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - التي ينقلها آحاد الصحابة، وكانوا يعملون بها مثل عملهم على كتب الصدقات، وعملهم على كتاب عمرو بن حزم، وهو الكتاب الذي كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - في - الديات، وبعث به إلى أهل نجران، ثم رواه الناس عن آل عمرو بن حزم من بعده، كما ذكر ذلك النسائي، والدارقطني، فهذا من أدل الدليل على الرجوع إلى الخط والكتاب.

الدليل الثاني: أن الرواية قد بني أمرها على حسن الظن،

وغلبته، والمسامحة، ومراعاة الظاهر من الحال، ألا ترى أن الرواية

تقبل من العبيد والنساء، ولا تعتبر فيها العدالة الباطنة، كل ذلك

دل على خفتها، فإذا وجد الراوي سماعه، وغلب على ظنه أنه

سمعه كما يراه من خطه الذي توثق منه، فإنه تجوز الرواية بذلك،

والعمل به.