الشبهة والحدود وضعت أصلاً على أنها تسقط بالشبهات؛ لما روي
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ادرأوا الحدود بالشبهات "، فعلى هذا: لا يجوز إثبات الحدود وما يجري مجراها بخبر الواحد؛ نظراً لتطرق الشبهة إلى ذلك.
جوابه:
يجاب عن ذلك بما يلي:
١ - قولكم: " إن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، وما دام كذلك
ففيه شبهة الغلط والكذب " ظاهر البطلان؛ لأن الحدود تثبت بما لا
يفيد إلا الظن مثل " الشهادة " - كما سبق -، ومثل " القياس "
فهو لا يفيد إلا الظن ومع ذلك فإن الحد يثبت به.
٢ - استدلالكم بحديث: " ادرأوا الحدود بالشبهات "
لا نسلمه؛ لوجهين:
الوجه الأول: أن لفظ " الشبهة "، أو " الشبهات " لم يرد في
الحديث، والحديث الذي روته عائشة - رضي اللَّه عنها - ورد
بلفظ: " ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم " - أخرجه الحاكم في
" المستدرك " وقال " صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي
في " مختصره "، فقال: فيه يزيد بن زياد - وهو من رواة الحديث -
قال فيه النسائي: متروك، وأخرجه الدارقطني والبيهقي في "سننهما"
مرفوعاً، وقال البيهقي: الموقوف أقرب إلى الصواب، وللحديث
طريق آخر عن عليّ - رضي اللَّه عنه - مرفوعاً بنفس اللفظ السابق.
قال الزيلعي في " نصب الراية " - لما ذكر ما سبق -: " ولكن في
إسناده رجل ضعيف ".
الوجه الثاني: على فرض صحته، وعلى فرض ورود لفظ