وصيغ الخطابات وأساليبها واستعمالاتها، بأن يكون مفرقا بين أقسام
المنطوق، والمفهوم، ومفرقاً بين عبارة النص، وإشارته، ودلالته،
واقتضائه، ومفرقاً بين المحتمل وغير المحتمل، والظاهر والأظهر
والعام والأعم، واشترطنا ذلك حتى تكون روايته لمعنى الحديث
مساوية للأصل في الجلاء والخفاء، فإن كان جاهلاً بذلك فلا تجوز
له رواية الحديث بالمعنى.
الشرط الثاني: أن يبدل لفظة بما يرادفها، ولم يختلف الناس في
هذا الترادف كأن يبدل لفظ " الجلوس " بلفظ " القعود "، ويبدل
لفظ " الصب " بلفظ " الإراقة "، ولفظ " الاستطاعة " بلفظ
"القدرة"، ونحو ذلك مما لا يتطرق إليه تفاوت الاستنباط والفهم بين
الناس، أما إذا تفاوتت أنظار المجتهدين في هذا اللفظ، فلا يجوز
قطعاً إبداله بلفظ آخر.
الشرط الثالث: أن لا يكون اللفظ في الحديث من باب المتشابه
كأحاديث الصفات، فإن كان من هذا الباب فلا يجوز نقلها بالمعنى،
لأن الذي يحتمله ما أطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه التأويل لا ندري أن غيره من الألفاظ يساويه أم لا.
الشرط الرابع: أن لا يكون اللفظ الوارد في الحديث مما تعبدنا
بلفظه، فإن كان مما تعبدنا بلفظه كألفاظ " التشهد " والأذان،
والتكبير، فهذا لا يجوز نقله بالمعنى.
الشرط الخامس: أن لا يكون الحديث من جوامع الكلم، فإن
كان منها كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "العجماء جبار "،
وقوله: " البينة على المدعي "، وقوله: " لا ضرر ولا ضرار "،
وقوله: " الخراج بالضمان "،
فلا تجوز رواية ذلك بالمعنى، أي: لا بد من نقلها
بلفظها؛ لأنه لا يمكن درك جميع معاني جوامع الكلم.