الحديث بألفاظ مختلفة، فإنه قد روي بلفظ: " نضر اللَّه امرءاً "،
وروي بلفظ: " رحم اللَّه امرءاً "، وروي بلفظ: " فرب حامل فقه
غير فقيه "، وروي بلفظ: " ورب حامل فقه لا فقه له "، وكلها
بمعنى واحد، فهذا يدل على جواز رواية الحديث بالمعنى.
الوجه الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر علَّة المنع من رواية الحديث بالمعنى وهي: اختلاف الناس في الفقه والفهم، لأنه هو المؤثر في اختلاف المعنى، فيكون المراد بذلك على طريق الاحتياط في حق من
لا يفهم المعنى خوفاً من أن يبدله بما ليس في معناه، ونحن قد
اشترطنا لرواية الحديث بالمعنى شروطاً، منها: أن يكون الراوي عالما
مفرقاً بين صيغ الخطابات ودقائق الألفاظ ودلالتها، فإن لم يكن
كذلك فلا تجوز رواية الحديث بالمعنى.
الوجه الثالث: أن من نقل معنى لفظ الحديث، دون زيادة: ولا
نقصان، فقد أدى الحديث كما سمعه، ولا يمكن أن يقال عنه: إنه
كذب في الحديث، يؤيد ذلك: أن المترجم والشاهد يقال له: أدى
ما سمع، وكذلك من بلغ إنساناً رسالة فحفظ معناها يقال له: أدى
ما سمع.
وهكذا بأن لك أن الحديث يدل على ما ذهبنا إليه، وهو جواز
رواية الحديث بالمعنى.
الدليل الثاني: قياس الحديث على القرآن وكلمات الأذان،
والتشهد، والتكبير.
بيان ذلك: أن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قول: " قد تعبدنا باتباعه " فلا يجوز تبديله بغيره كالقرآن، وكلمات الأذان، كالتشهد، والتكبير.
جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك لأن