كان هناك إنكار لنقل وبلغنا، ولكن لم يبلغنا شيء من ذلك مما يدل
على أن نقل الحديث بالمعنى جائز.
الدليل الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث سفراءه ورسله إلى الروم، والفرس، وأطراف البلاد، والقبائل، وكان هؤلاء يبلغون أوامر
النبي - صلى الله عليه وسلم - ونواهيه، وكل ما يقولونه بلغة المبعوثين إليهم بدون إنكار من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه يعلم أن لغته تختلف عن لغة هؤلاء، فكان هذا إقرار منه على جواز نقل الحديث بالمعنى.
المذهب الثاني: أنه لا تجوز رواية الحديث بالمعنى مطلقا، بل
الواجب نقل الحديث بلفظه وصورته.
ذهب إلى ذلك أكثر الظاهرية، وبعض متأخري أهل الحديث،
وبعض الفقهاء كمحمد بن سيرين.
أدلة أصحاب هذا المذهب:
الدليل الأول: ما رواه زيد بن ثابت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " نضر اللَّه امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه "،
فإن هذا نص في عدم جواز رواية الحديث بالمعنى، حيث إن قوله: " فوعاها
فأداها كما سمعها " يدل على ذلك دلالة صريحة.
جوابه:
يجاب عن الاستدلال بهذا الحديث بأن الحديث حُجَّة مؤيدة لمذهبنا
- وهو جواز رواية الحديث بالمعنى - وذلك من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن الظاهر أن الحديث المروي حديث واحد، ولم
يتكرر منه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الأصل عدم التكرار، ومع ذلك فقد روي نفس