بيان ذلك: أن من حفظ أخباراً متعددة، فله رواية بعضها وترك
بعضها الآخر عند الحاجة، فإذاً هذا جائزاً، فهذا مثله ولا فرق
بجامع: أنه نقل ما يتم المعنى به.
مثال ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم "،
فهنا يجوز حذف بعض هذا الحديث للاستدلال به على حكم معين.
***
المسألة الخامسة والعشرون: حكم مرسل الصحابي:
المقصود بذلك: أن يروى الصحابي حديثا عن - صلى الله عليه وسلم - وهو لم يسمعه منه شفاها، بل سمعه من صحابي آخر.
وسمي مرسلاً نظراً لعدم تقييده بذكر الواسطة بين الراوي
والرسول - صلى الله عليه وسلم -.
واختلف العلماء في قبول مرسل الصحابي على مذهبين:
المذهب الأول: أن مرسل الصحابي مقبول مطلقا، أي: سواء
عرفنا أنه لا يروي إلا عن عدل أو لم نعرف بذلك، وسواء صرَّح
بذلك، أو لم يصرح.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: الإجماع؛ حيث وقع أن الصحابة - رضي الله
عنهم - كانوا يرسلون الأحاديث، بدون نكير من أحد، إذ لو كان
هناك إنكار لبلغنا، وما دام أنه لم يبلغنا شيء من ذلك، فإنه يدل
دلالة واضحة على إجماعهم على قبول مرسل الصحابي مطلقا،
فأكثر روايات الصحابة - سواء كانوا صغاراً أم كبارا - عن - صلى الله عليه وسلم -