لم يسمعوها من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، بل بواسطة صحابي آخر، فتكون مراسيل، أيَّد ذلك أمران:
الأمر الأول: ما ذكره الخطيب البغدادي في " الكفاية ": أن
البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري قال:" ليس كلنا سمع
حديث رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، كانت لنا صنيعة وأشغال، وكان الناس لم يكونوا يكذبون - يومئذٍ - فيحدث الشاهد الغائب "،
وهذا نص فيما نحن فيه.
الأمر الثاني: أنه وقع من بعض الصحابة أنه كان يروي الحديث
عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكأنه سمعه منه مباشرة، فإذا استكشف وسئل عنه بين أنه لم يسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، بل سمعه من صحابي آخر، ومن أمثلة ذلك:
المثال الأول: أن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" لا ربا إلا في النسيئة "،
ولما أخبره أبو سعيد الخدري بحديثه في الربا، قال ابن عباس:
" ما سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما حدثني به أسامة بن زيد
المثال الثاني: أن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - روى أنْ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فلما سئل عنه أسنده إلى الفضل بن عباس.
المثال الثالث: أن أبا هريرة - رضي اللَّه عنه - روى - عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من أصبح جنباً فلا صوم له "، فلما أخبر أن عائشة أنكرت ذلك وقالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا ويتم صومه، ذكر أن الفضل بن عباس هو الذي حدَّثه بهذا الحديث.
المثال الرابع: أن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - روى: أن النبي