وجه الدلالة: أن الآية أوجبت التبين والتثبت إذا جاء فاسق بنبأ
وخبر، فإن كان غير فاسق - وهو العدل - وجب قبول خبره
مطلقاً، أي: سواء كان مسنداً أو مرسلاً.
المذهب الثاني: أن الحديث المرسل يقبل إذا كان مرسله في
العصور الثلاثة: عصر الصحابة،، وعصر التابعين، وعصر تابعي
التابعين، ولا يقبل في غيرها إلا من أئمة النقل، وهو مذهب بعض
الحنفية كعيسى بن أبان.
دليل هذا المذهب: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ".
وجه الدلالة: أن - صلى الله عليه وسلم - قد شهد لأصحاب تلك القرون
بالعدالة، وذلك يوجب صدقهم، فيجب قبول قولهم وخبرهم
مطلقاً، سواء كان مرسلاً أو مسنداً.
وقالوا: إنا نقبل الحديث المرسل من غير تلك العصور بشرط كون
المرسل - بكسر السين - واحداً من أئمة النقل؛ لأن أئمة النقل قد
عرفوا بالبحث والاطلاع على أحوال الرواة، فإذا أرسلوا فذلك
لمعرفة من أرسلوا عنه معرفة توجب حد اطمئنان النفس إلى صدقه،
بخلاف غيرهم، فلا يقبل منهم شيئاً إلا إذا تعين اسمه، فنبحث عنه.
جوابه:
يجاب عنه بأنكم فرقتم بين أئمة النقل وغيرهم، وهذه التفرقة لا
تفيد إذا تحققت في الراوي العدالة والثقة وبقية شروط الراوي
السابقة، أي: أن الراوي إذا توفرت فيه شروط الرواية - وهي
الإسلام، والتكليف، والضبط، والعدالة - فإنا نقبل خبره سواء