فهذا غير صحيح؛ لأنك لو دققت النظر لوجدت أن الذي قبل
الحديث المرسل في تلك المسائل لم يقبله لكونه مرسلاً وإنما قبله؛
لأنه غلب على ظنه صدق المرسل، أو لأن عمل الصحابة يوافقه،
أو وافقه حديث آخر مسند، أو أنه لم ينكره أحد ممن يعتد بقوله، أو
غير ذلك من الأدلة.
وأن الذي لم يقبل الحديث المرسل لم يتركه، لكونه مرسلاً،
وإنما تركه؛ لأنه شك في الراوي أو غير ذلك من الأدلة.
***
المسألة السابعة والعشرون: الحكم إذا تعارض المرسل مع المسند:
اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أنه يقدم المسند على المرسل.
ذهب إلى ذلك الإمام أحمد، وأكثر المالكية، وكثير من الحنفية.
وهو الحق؛ لأن المسند قد اتفق على قبوله والاحتجاج به، أما
المرسل فقد اختلف فيه، فالمسند له مزية فضل لموضع الاتفاق،
وسكون النفس إليه أكثر من المرسل، ولذلك يقدم المسند.
المذهب الثاني: أنه يقدم المرسل على المسند.
ذهب إلى ذلك بعض الحنفية، وبعض المالكية.
دليل هذا المذهب: أن من أسند فقد أحالك على البحث عن
أحوال الرواة الذين سماهم لك، ومن أرسل من الأئمة حديثا مع
توفر شروط الراوي فيه، فقد قطع لك بصحة هذا الحديث وكفاك
النظر.