الاعتراض الرابع: أن حجية الإجماع مسألة علمية لا تفيد فيها إلا
الأدلة القطعية، ودلالة الآية ظنية للاحقمالات التي ذكرت، فهي من
قبيل الظاهر، فلا تثبت حجية الإجماع.
جوابه:
يجاب عنه: بأن الآية وإن كانت ظنية الدلالة إلا أنها تثبت حجية
الإجماع، ويكون حُجَّة ظنية كخبر الواحد هذا على قول.
أما على القول بأن الإجماع حُجَّة قطعية فإنا نقول: إن هذه الآية
وإن كانت ظنية فقد احتفت بقرائن صيرتها قطعية، والقرائن هي ما
سيأتي من السُّنَّة.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد وصف الأُمَّة بأنهم أُمَّة وسطا،
والوسط: الخيار العدل، دلَّ على ذلك قوله تعالى:
(قال أوسطهم ألم أقل لكم) أي: أعدلهم، فالله عَزَّ وجَل عدلهم
بقبول شهادتهم، ولما كان قول الشاهد حُجَّة، إذ لا معنى لقبول
شهادته إلا كون قوله حُجَّة يجب العمل بمقتضاه، فيدل هذا على أن
إجماع الأُمَّة يجب العمل بمقتضاه.
وكون الوسط: العدل هو الذي ذكره الجوهري في الصحاح،
وذكره القرطبي في تفسيره.
الاعتراضات التي وجهت إلى الاستدلال بهذا الآية:
الاعتراض الأول: لا نُسَلِّمُ أن العدالة تنافي الخطأ في الاجتهاد،
بل إنما تنافي الكبائر، فاحتمال الخطأ في الكبائر باق.