الاعتراض الثاني: أن اللَّه تعالى قد توعد على ترك سبيل المؤمنين
فيما صاروا به مؤمنين وهو التوحيد، والتصديق، وفعل الإيمان.
يؤيد ذلك: قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) التي أتت بعد تلك الآية المستدل بها، ومعروف
أن الشرك مقابل التوحيد، ويؤيد ذلك: سبب نزول هذه الآية،
حيث إنه قيل: إن الآية نزلت في بشير بن أبيردتى المنافق لما سرق ثم
رمى بذلك لبيد بن سهيل، ولما كشف أمره هرب إلى مكة، ولحق
بالمشركين، فأنزل اللَّه تلك الآيات.
جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا حمل الآية على صورة واحدة، وهذا تأويل
لا دليل عليه، والتأويل الذي لا دليل عليه باطل.
الاعتراض الثالث: أن التوعد قد لحق جميع - المؤمنين إلى قيام
الساعة، وأهل العصر ليسوا كل المؤمنين، ودليل ذلك: أن لفظ
"المؤمنين " جمعٌ معرف بـ " أل "، فتكون عامة لجميع المؤمنين، وجميع
المؤمنين كل من آمن بالله إلى يوم القيامة، وذلك لا يدل على أن ما
وجد من الإجماع في بعض الأعصار حُجَّة؛ لأمرين:
أولهما: أن المجمعين - في عصر واحد هم بعض المؤمنين.
ثانيهما: أن المخالف في حجية الإجماع من جملة المؤمنين.
جوابه:
يجاب عنه: بأن المقصود بلفظ " المؤمنين " الوارد في الآية هم
أهل العصر الذي حدثت فيه الحادثة - كما قلنا في تعريف الإجماع
السابق - فتحمل لفظة " المؤمنين " على ذلك.