للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الثامنة: هل يشترط انقراض العصر في صحة الإجماع؟

المراد من انقراض عصر المجمعين: موتهم جميعاً بعد اتفاقهم على

الحكم في الحادثة التي نشأت في عصرهم.

وقد اختلف العلماء في اعتبار هذا الشرط في انعقاد الإجماع على

مذاهب:

المذهب الأول: أن انقراض أهل العصر - وهو موت جميع

المتفقين على الحكم - لا يشترط لصحة الإجماع مطلقا، أي: سواء

كان صريحاً أو سكوتياً، إجماع صحابة أو غيرهم.

وهو مذهب جمهور انعلماء منهم الأئمة الثلاثة: " أبو حنيفة،

ومالك، والشافعي " وأكثر أتباعهم، وهو ورواية عن الإمام أحمد

وبعض الحنابلة كأبي الخطاب وغيره، وهو اختيار بعض المعتزلة.

وبناء على ذلك فإنه لو اتفق جميع مجتهدي الأُمَّة على حكم

شرعي لمسألة معينة: ولو في لحظة واحدة مهما قصرت - انعقد

الإجماع وأصبح حُجَّة تحرم مخالفته على المجمعين وعلى غيرهم.

وهذا هو الصحيح عندي؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: أن الأدلة من الكتاب والسُّنَّة التي ذكرناها في

حجية الإجماع - توجب أن الإجماع حُجَّة بمجرد اتفاق مجتهدي

العصر الواحد ولو في لحظة؛ حيث إن الحجية تترتب على نفس

الاتفاف؛ لأن الاتفاق مناط العصمة، فاشتراط انقراض العصر لا

دليل عليه، وما لا دليل عليه فلا يعتد به.

الدليل الثاني: أن التابعين كانوا يحتجون بإجماع الصحابة في

أواخر عصر الصحابة، فقد حكي عن الحسن البصري - رحمه اللَّه -