للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه قد احتج بإجماع الصحابة وأنس بن مالك - رضي اللَّه عنه - كان

حيًّا، وغيره فعل ذلك فقد زاحمهم كثير من التابعين، واحتجوا

بإجماعهم وهم - أي: الصحابة بين أظهرهم - والاحتجاج

بإجماعهم مع وجودهم قد وقع، ولم ينكره أحد، فعلم أن شرط

الانقراض غير معتبر، فلو كان الانقراض شرطا لما احتج التابعون

بإجماع الصحابة؛ لأنه لم يكن قد زم لفقد شرطه.

الدليل الثالث: قياس الحكم الثابت بالإجماع على الحكم الثابت

بالنص، فكما أن الحكم الثابت بالنص لا يختص بوقت دون وقت،

فكذلك الثابت بالإجماع ولا فرق.

الدليل الرابع: أن اشتراط انقراض العصر يؤدي إلى تعذر الإجماع

وعدم تحققه، وامتناع انعقاده مطلقا مع كونه حُجَّة متبعة، وكل شرط

أدى إلى إبطال المشروط المتفق على تحققه كان باطلاً، بيان ذلك:

أن من اشترط انقراض العصر في صحة الإجماع جوز من جاء من

التابعين - وهو من أهل الاجتهاد - مخالفة من أدركهم من

الصحابة، وشرط في صحة إجماع الصحابة موافقة ذلك التابعي،

وإذا صار التابعي من أهل الإجماع، فقد لا ينقرض عصرهم حتى

يأتي تابع التابعي - وهو من أهل الاجتهاد - ويخالفهم، وهكذا

إلى يوم القيامة، مما يؤدي إلى عدم تحقق الإجماع في عصر من

العصور، ولا يكون ثابتا.

المذهب الثاني: أن انقراض أهل العصر - وهو: موت جميع

المعتبرين في الإجماع - شرط لصحة انعقاد الإجماع مطلقا، أى:

سواء كان صريحا أو سكوتيا، في عصر الصحابة أو غيرهم، أي:

لا يسمى الاتفاق إجماعا إلا بعد موت المجمعين.