بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي هنا؛ لأنه يترتب على المذهب الأول: أن
الإجماع لا يصلح أن يكون دليلاً على صحة الخبر الذي وافقه؛ لأنا
لم نجزم بأن العلماء أجمعوا على ذلك الحكم، وكان مستند ذلك
الإجماع هو الخبر، فيطلب تصحيحه من جهة أخرى.
ويترتب على المذهب الثاني: أن ذلك الإجماع يصلح أن يكون
دليلاً على صحة الخبر الذي وافقه.
***
المسألة السابعة عشرة: حكم انعقاد الإجماع عن القياس:
لقد اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: جواز انعقاد الإجماع عن القياس.
وهو مذهب الجمهور، وهو الحق، للأدلة التالية:
الدليل الأول: الوقوع، حيث وقع أن الصحابة والسلف قد
أجمعوا على أحكام، وكان مستند ذلك الإجماع هو القياس مثل:
١ - إجماع الصحابة على خلافة أبي بكر، وكان مستند ذلك
القياس فقاسوا: الإمامة الكبرى - وهي الخلافة - على الإمامة
الصغرى - وهي الإمامة في الصلاة.
٢ - إجماعهم على تحريم شحم الخنزير؛ قياساً على تحريم لحمه.
٣ - إجماعهم على كتابة المصحف؛ قياساً على حفظه في
الصدور.
٤ - إجماعهم على قتال مانعي الزكاة؛ قياسا على تارك الصلاة.