إنها شاملة للإجماع المستند لدليل قطعي، والدليل ظني ولم تفرق
بينهما.
المذهب الثالث: أنه لا يجوز عقلاً انعقاد الإجماع، وهو مستند
للقياس، وهو اختيار بعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
قالوا: إن القياس تجوز مخالفته اتفاقاً، والإجماع لا تجوز
مخالفته اتفاقا، فلو استند الإجماع إلى القياس، مع قولنا بأن
القياس تجوز مخالفته: للزم من ذلك جواز مخالفة الإجماع؛ لأن
مخالفة الأصل - وهو القياس - تجوِّز مخالفة الفرع - وهو
الإجماع -، وعلى هذا فتجوز مخالفة الإجماع باعتبار سنده وهذا
باطل.
جوابه:
إن القياس تجوز مخالفته قبل الإجماع عليه، وأما بعد الإجماع
عليه، فلا تجوز مخالفته؛ لظهور صحته من الإجماع عليه، فلا
يصح قولكم: " إن مخالفة الأصل تجوّز مخالفة الفرع "؛ لأن
الأصل أصبح غير جائز المخالفة بالإجماع عليه.
المذهب الرابع: أن انعقاد الإجماع عن القياس يجوز عقلاً،
ولكنه لم يقع، ونسب إلى بعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
قالوا: إنه لا يمتنع عقلاً استناد الإجماع إلى القياس؛ لأنه لا
يترتب على فرض وقوعه محال، وكل ما كان كذلك فهو جائز
عقلاً، ولكن بعد تتبع واستقراء النصوص لم نجد إجماعا استند إلى
قياس، فدل على عدم وقوعه.