المسألة الأولى: إذا اختلف الصحابة أو الأولون على
قولين، فأجمع التابعون أو المتأخرون، على أحدهما، فهل
يكون ذلك إجماعا؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يكون إجماعاً، وبناء على ذلك فإنه تحرم
مخالفته، مثل مسألة " بيع أم الولد "، فإن الصحابة اختلفوا فيها
على قولين - الجواز وعدم الجواز - ثم اتفقوا على قول واحد وهو:
عدم الجواز، فإن هذا يكون إجماعا تحرم مخالفته ويجب العمل به.
وهو مذهب أكثر الحنفية، والمعتزلة، وأكثر المالكية، وبعض
الشافعية كأبي بكر القفال، وأبي إسحاق الشيرازي، وبعض الحنابلة
كأبي الخطاب.
وهو الحق عندي؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن النصوص الدالة على حجية الإجماع - السابقة
الذكر - تدل على حجية أيِّ إجماع من مجتهدي العصر سواء سبقه
اختلاف في العصر الذي سبقه، أو لم يسبقه شيء، فاتفاق علماء
العصر المتأخر على أحد قولي علماء العصر المتقدم يعتبر سبيل المؤمنين
فيجب اتباعه.
الدليل الثاني: أن إجماع التابعين أو علماء العصر المتأخر، هو:
اتفاق من أهل العصر على حكم فقهي معين، فلم يجز خلافه،
كما لو اختلفوا - أنفسهم - في حكم معين في عصرهم، ثم اتفقوا
عليه في عصرهم، فهو اتفاق عقيب اختلاف، فيقطع الاتفاق
الاختلاف، فيكون إجماعا.