المذهب الثاني: أنه لا يكون إجماعاً، أي: أن اتفاق التابعين
على أحد قولي الصحابة لا يعتبر إجماعاً، ولا تحرم مخالفته، بل
يجوز الأخذ بما اتفق عليه التابعون، ويجوز الأخذ بالقول الآخر
للصحابة.
وهو مذهب بعض الشافعية كإمام الحرمين، والغزالي،
والآمدي، والصيرفي، وبعض الحنابلة كأبي يعلى.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه أوجب الرد إلى اللَّه تعالى عند التنازع.
فلو جوزنا انعقاد الإجماع الثاني: للزم الرد إلى الإجماع، وهو
خلاف مقتضى الآية.
جوابه:
إن وجوب الرد إلى اللَّه تعالى مشروط بوجود التنازع، فإذا حصل
الإجماع زال وجوب الرد إلى اللَّه لزوال شرطه وهو: التنازع، ثم
إن الرد إلى الإجماع هو رد إلى اللَّه تعالى؛ لأن المجمعين اتفقوا
على هذا الحكم أو ذاك استناداً إلى كتاب اللَّه أو سُنَّة رسوله، أو
المفهوم منهما.
الدليل الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".
وجه الدلالة: هذا الحديث دلَّ على أن كل واحد من الفريقين
حجة، فلو أخذنا بأحد القولين دون الآخر لزم الترجيح من غير
مرجح.