جوابه:
إن الخطاب الوارد في الحديث موجه إلى العوام الذين في
عصرهم، ولا خلاف في جواز تقليدهم إياهم، وإنما النزاع في أن
قول بعضهم هل يكون مانعاً من انعقاد الإجماع بعدهم، بخلاف ما
قالوه؛ وما ذكرتموه في دليلكم لا يدل على ذلك.
الدليل الثالث: أن اختلاف الصحابة على القولين هو إجماع على
جواز الأخذ بأي قول كان، فلو انعقد الإجماع على أحد القولين
فإنه يلزم من ذلك رفع الإجماع الأول.
جوابه:
لا نسلم أن اختلافهم على قولين هو إجماع على جواز الأخذ بأي
قول كان؛ لأن كلًّا من الفريقين لا يجوز الأخذ إلا بقولهم فقط،
دون قول الفريق الآخر.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي له أثره وهو واضح، فلو اتفق التابعون أو
المتأخرون على أحد قولي الصحابة أو المتقدمين، فإنه على المذهب
الأول يكون إجماعا يأثم من خالفه، أما على المذهب الثاني فلا
يكون إجماعا، فلا يأثم من خالفه؛ حيث يعتبر ترجيح لأحد
القولين فقط.
***
المسألة الثانية: هل يجوز الاتفاق بعد الاختلاف؟
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يجوز اتفاق علماء العصر على حكم معين بعد
اختلافهم في ذلك الحكم.