الجواب الأول: أن الحديث لا يدل إلا على أن أبا بكر وعمر قد
توفر فيهما أهلية الاجتهاد مما يوجب اتباع المقلدين لهم، ولا يدل
على أن إجماعهما حُجَّة.
الجواب الثاني: أنه معارض بحديث آخر وهو: " أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، وليس العمل بأحدهما أوْلى من
العمل بالآخر.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي، وهو مماثل لما قلناه في المسألة السابقة، حيث إنه
لو وجد أن أبا بكر وعمر قد اتفقا على حكم معين، لنإنه تجوز
مخالفته عند أصحات المذهب الأول؛ وتكون المسألة عندهم اجتهادية.
أما عند أصحاب المذهب الثاني، فإن اتفاقهما يكون إجماعا
وحُجة لا تجوز مخالفته من قِبَل الصحابة ومن جاء بعدهم.
***
المسألة الثالثة: إجماع أهل المدينة هل هو حُجَّة؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن إجماعهم وحدهم لا يكون حُجَّة على من
خالفهم.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما ذكرنا في المسألتين
السابقتين وهو: أن أهل المدينة بعض الأُمَّة والأدلة التي ذكرناها من
الكتاب والسُّنَّة قد دلَّت على أن العصمة عن الخطأ قد ثبتت لجميع
الأُمَّة، لا لبعضها، فلا تتناول تلك الإدلة أهل المدينة؛ لأنهم بعض
الأُمَّة وبعض المؤمنين، وعليه: فلا يكون اتفاق أهل المدينة حُجَّة.