أما أصحاب المذهب الثاني - وهو القائلون: إنه ليس بحجة -
وإن كانت بعض تلك الأحكام جائزة عندهم إلا أنهم لم يستدلوا
بشرع من قبلنا، بل استدلوا بأدلة أخرى.
القول الثاني: إن الخلاف لفظي، لا ثمرة له؛ حيث إنا نجد
أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون: إنه حُجَّة - لا يحتجون به
لوحده على إثبات حكم شرعي، بل يذكرونه مع عدد من الأدلة
الشرعية الثابتة بشرعنا، فهو ليس العمدة عندهم في إثبات الحكم،
فهم بذلك موافقون أصحاب المذهب الثاني في أنه ليس بحجة يعتمد
عليه لوحده.
جوابه:
إنا نسلم أن أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون: إن شرع مَن
قبلنا حُجَّة - لا يستدلون به على إثبات الحكم لوحده، بل يعضدونه
بأدلة أخرى ثابتة بشرعنا، ولكنهم اعتمدوه دليلاً معاضداً ومقويا
للأدلة الأخرى، ولو لم يوجد في المسألة إلا هو لاستدلوا به
لوحده، ولكنهم يذكرونه مع غيره من باب تعاضد الأدلة كما يفعل
كثير من المجتهدين حينما يريدون الاستدلال على حكم معين.
أما أصحاب المذهب الثاني - وهم القائلون: إن شرع من قبلنا
ليس بشرع لنا - فإنهم لا يذكرونه مع الأدلة الثابتة بشرعنا، ولو لم
يوجد إلا هو لما استدلوا به على إثبات حكم شرعي، فهذا هو
الخلاف بين المذهبين، وما دام أنه وجد خلاف، إذن الخلاف معنوي.