من شرعنا، ولكان مخبراً عنها، وناقلاً لشرائع من قبله فقط، لا
شارعاً لها ابتداء.
جوابه:
إن اللَّه تعالى إذا تعبد نبينا بشرع من قبلنا لم يكن في ذلك نقص،
ولا إقلال من منصبه، ولا جعله تابعاً لغيره؛ لأنه في ذلك قد أطاع
الله، واتبعه، ولم يتبع غيره من الأنبياء السابقين.
بيان نوع الخلاف:
لقد اختلف في الخلاف في هذه المسألة هل هو لفظي أو معنوي؟
على قولين:
القول الأول: أن الخلاف معنوي له ثمرة وهو الصواب؛ حيث
إن أصحاب المذهب الأول قد استدلوا بشرع من قبلنا وجعلوه من
أدلتهم في إثبات أحكام شرعية، منها:
أنهم استدلوا به على قتل الرجل بالمرأة، حيث إن قوله تعالى:
(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ..) يدل على ذلك مع أنه
خطاب من قبلنا.
كذلك استدلوا به على جواز الجعالة - وهي: الإجارة على منفعة
مظنون حصولها مثل مشارطة المعلم - على حذق المتعلم - وقالوا: إن
قوله تعالى:(ولمن جاء به حمل بعير..) يدل على ذلك مع أنه
وارد في شرع من قبلنا.
وكذلك استدلوا به على ضمان ما تفسده الدواب المرسلة في
الليل؛ حيث إن قوله تعالى:(وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) والنفش عند أهل اللغة لا يكون إلا في الليل.