فإنه يرجح على اجتهاد التابعي ومن بعده، فرأيه أقرب إلى إصابة
الحق وأبعد عن الخطأ، وذلك لأنه شاهد التنزيل، وحضر مع النبي
- صلى الله عليه وسلم -، وسمع كلامه مباشرة، وعرف طريقته في بيان الأحكام، ووقف من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - ومراده في كلامه على ما لم يقف عليه غيره مع اجتهاد وحرص على طلب الحِق، والقيام بما هو تثبيت لقوام الدين، مع فضل درجة ليست لغيرهم كما وردت الأخبار في ذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ".
كل ما سبق له أثره في جعل الصحابة أعلم بتأويل النصوص،
وأعرف بمقاصد الشريعة، وبهذا ترجح رأي الصحابي على رأي
غيره، فقوله أوْلى بالاتباع من قول غيره.
الدليل الثالث: أن قول الصحابي إذا انتشر ولم ينكر عليه أحد
كان حُجَّة، فكذلك يكون قوله حُجَّة مع عدم الانتشار كقول النبي
- صلى الله عليه وسلم - ولا فرق.
المذهب الثاني: أن قول الصحابي ليس بحُجَّة مطلقا.
وهو مذهب كثير من الأشاعرة والمعتزلة، وبعض الحنفية كأبي
الحسن الكرخي، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو القول الجديد
- عن الإمام الشافعي، كما قال بعض الشافعية، ولكن الحق: أن
مذهب الإمام الشافعي هو المذهب الأول، وقد حققت ذلك في
كتابي " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ".
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن الصحابي لم تثبت عصمته عن الخطأ والسهو
والغلط، فقد يجتهد في مسألة ويخطئ فيها، فإذا كان غير معصوم