للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم جاء وهي حامل، فرفعها إلى عمر، فأمر برجمها، فقال معاذ:

إن يكن لك عليها سبيل، فلا سبيل لك على ما في بطنها، فقال

عمر: احبسوها حتى تضع، فوضعت غلاما له ثنيتان، فلما رآه

أبوه قال: ابني، فبلغ ذلك عمر، فقال عمر: " عجزت النساء أن

يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر ".

وجه الدلالة: أن عمر رجع إلى قول معاذ - رضي اللَّه عنهما -

في هذه القضية بدون أن يستعلم رأي غيره، مع وجود بعض الصحابة

الذين هم من أهل الاجتهاد، فهذا يدل على جواز الأخذ بأحد قولي

الصحابة بدون دليل.

جوابه:

إن عمر - رضي اللَّه عنه - قد أخذ بقول معاذ؛ لأنه ظهر له

رجحان قول معاذ واجتهاده - لما ذكر أن ما في البطن لا ذنب له حتى

تعاقبه، حيث إن العقوبة تخص المذنب فقط - فصار قول معاذ هو

الحق - وذلك بالدليل، لا أنه رجع إلى قول معاذ تقليداً بلا دليل،

فعمر قد اتبع الدليل المرجح، ولم يتبع قول معاذ المجرد.

الدليل الثاني: أن اختلاف الصحابة على قولين في مسألة معينة هو

إجماع ضمني بينهم على صحة القولين، وهذا يجوز الأخذ بكل

واحد منهما بلا دليل بالاتفاق.

جوابه:

إن اختلاف الصحابة على قولين لا يدل على ما ذكرتم، بل يدل

على أنهم سوَّغوا وأجازوأ الأخذ بالأرجح منهما، ولا يمكن أن يتبين

الراجح منهما إلا بالاجتهاد في القولين معا، ولا يمكن الاجتهاد إلا

بالأدلة.