القول الصواب، والقول الخطأ إلا بدليل خارجي، إذن لا يمكن
الأخذ بأحد القولين بلا دليل، بل لا بد من الدليل.
الدليل الثاني: القياس على قول اللَّه تعالى، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -،
بيان ذلك:
أنه إذا تعارضت آيتان في نظر المجتهد، إحداهما تفيد الجواز،
والأخرى تفيد المنع، فإنه لا يمكن أن يرجح أحد الحكمين إلا بدليل
ومرجح خارجي، كذلك لو تعارض حديثان في نظر المجتهد، فلا
يمكن أن يرجح أحدهما ويعمل به إلا بمرجح آخر ودليل خارجي.
فإذا كان الأمر كذلك في الكتاب والسُّنَّة، فكذلك قول الصحابي
إذا تعارض مع قول صحابي آخر: فإذا تعارض قول صحابي مع
قول صحابي آخر في نظر المجتهد، فإنه لا يرجح أحدهما ويعمل به
إلا بدليل خارجي عنهما.
المذهب الثاني: أنه يجوز الأخذ بقول أحدهما بدون دليل بشرط:
أن يظهر هذا القول المأخوذ به، ولم ينكر منكر القائل به.
وهو اختيار بعض الحنفية.
أما بعض المتكلمين كأبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم، فقد قالوا:
إن كان هذان القولان قد حدثا للصحابة قبل وقوع الفرْقة بينهم،
واختلاف الديار بهم: جاز الأخذ بقول أحدهما من غير اجتهاد في
صحته، وإن كان قد حدث بعد وقوع الفرْقة بينهم لم يجز الأخذ إلا
أن يدل دليل على صحته غير قول الصحابي.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: الوقوع؛ حيث وقع أن امرأة غاب عنها زوجها،