وأوجبوا الزكاة في الحلي، ولم يعملوا بما ورد عن ابن عمر،
واستدلوا بعموم قوله تعالى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وبغير ذلك من الأدلة.
وكذلك أوجبوا سجود التلاوة، ولم يعملوا بما ورد عن عمر،
واستدلوا بما روي عن - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " السجدة على من سمعها وعلى من تلاها ".
وعلى ذلك فقس قول أصحاب المذهب الثالث والرابع.
***
مسألة: إذا اختلف صحابيان في مسألة على قولين، فهل
يجوز للمجتهد الأخذ بقول أحدهما بدون دليل؟
سبق أن علمنا أن الصحابي إذا قال قولاً في مسألة اجتهادية ولم
يخالف فيه قول صحابي آخر، ولم ينتشر في بقية الصحابة، فإن
هذا القول يكون حُجَّة، وهو المذهب الأول الذي رجحناه.
وعلى هذا يجوز العمل به بدون دليل يعضده.
لكن إذا قال صحابي قولاً في مسألة، وخالفه صحابي آخر في
نفس المسألة بقول آخر، فهل يجوز للمجتهد الأخذ بقول أحدهما
بدون دليل؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يجوز الأخذ بقول أحدهما بدون دليل، بل
لا بد من دليل، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن القولين لا يمكن أن يكونا خطأ، ولا يمكن أن
يكونا صوابا، بل إن أحدهما صواب والآخر خطأ، ولا يمكن معرفة