للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتصرفات التي لا تتوقف الحياة عليها، ولا تفسد ولا تختل،

فالحياة تتحقق بدون تلك التحسينيات، وبدون أي ضيق فيها، فهي

من قبيل التزيين والتجمل والتيسير، ورعاية أحسن المناهج وأحسن

الطرق للحياة، فتكون من قبيل استكمال ما يليق، والتنزه عما لا

يليق من المدنسات التي تألفها العقول الراجحة.

ومن أمثلة ذلك: المنع من بيع الماء والكلأ، والمنع من بيع

النجاسات، والابتعاد عن الإسراف والتقتير، ومجانبة ما استخبث

من الطعام، وآداب الأكل والشرب، هذه أمثلته العامة.

ومن أمثلة ذلك في الأمور الخاصة: اشتراط الشارع للولي في

النكاح؛ صيانة للمرأة عن مباشرة عقد النكاح بنفسها؛ لأن المرأة لو

باشرت عقد نكاحها: لكان ذلك مشعراً بتوقانها إلى الرجال،

وحبها لهم، ومشعراً - أيضا - بقلة حيائها، وأنه لا مروءة لها،

وهذا يقلل من قيمتها عند الخاطب، ونظراً لذلك فقد مُنعت المرأة من

عقد نكاحها بنفسها، وفوض ذلك إلى الولي؛ تزيينا للمرأة وتحسينا

في نظر الخاطب، وحملاً للخلق على أحسن المناهج، وأجمل

السير.

ويمكن أن يكون ذلك مثالا للحاجيات - أيضا - إذا قلنا: إن

اشتراط الولي في النكاح كان لعلة أخرى وهي: أن رأي المرأة قاصر

في اختيار وانتقاء الأزواج، وأنها تغتر بالمظاهر، ونظراً لذلك مُنعت

من مباشرة ذلك بنفسها، وفوض ذلك إلى الولي؛ لأن الولي أعلم

بمعادن الرجال منها - ويستطيع - في الغالب - معرفة الصالح من

غيره.