المشركون - مع كون السب حمية لله، وإهانة لأصنامهم - لكون
ذلك السب ذريعة إلى أن يسبوا اللَّه - تعالى -، وكانت مصلحة ترك
مسبته تعالى أرجح من مصلحة سبنا لأصنامهم، فلذلك أمرنا بترك
يسب أصنامهم؛ لأنه يؤدي إلى سب اللَّه تعالى: وهذا هو سد
الذرائع.
الدليل الثاني: أنه أشير على - صلى الله عليه وسلم - بقتل من ظهر نفاقه فقال:
" أخاف أن يقول الناس: إن محمداً يقتل أصحابه "، فلم يرغب
النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتل المنافقين مع قيام الداعي لذلك، وذلك سداً للذرائع؛ حيث إنه سيقال: إن محمداً بدأ يقتل أصحابه، فيوجب ذلك النفور عن الإسلام ممن دخل فيه، وممن لم يدخل فيه،
ومفسدة التنفير أعظم من مفسدة ترك قتلهم، ومصلحة التأليف أعظم
من مصلحة القتل.
الدليل الثالث: إجماع الصحابة - رضي اللَّه عنهم -؛ حيث إنه
ثبت في وقائع أنهم استدلوا بسد الذرائع، من ذلك: أن عمر بن
الخطاب نهى عن الصلاة تحت شجرة بيعة الرضوان، ثم قطعها سداً
للذرائع؛ حتى لا يعود الناس إلى أعمال الجاهلية.
وأن بعض الصحابة كعمر، وعليّ، وابن عباس أفتوا بقتل
الجماعة بالواحد، وإنما فعلوا ذلك لئلا يكون عدم القصاص منهم
ذريعة إلى التعاون على سفك الدماء، كل ذلك فعلوه من غير نكير،
فكان إجماعا.
المذهب الثاني: أن سد الذرائع ليس بحُجَّة.
وهو لبعض الشافعية وبعض المتكلمين.