دليل هذا المذهب:
أن الأدلة قد حُصرت في حديث معاذ وهي: الكتاب، والسُنَّة،
والإجماع المبني عليهما، والاجتهاد، ولا يصح من الاجتهاد إلا
القياس الذي يتضمن المصلحة، وهو مقاس على ما ثبت بالأصول
الثلاثة: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، أما سد الذرائع فلم يكن
مع تلك الأدلة، إذن لا يحتج به.
جوابه:
إن الأخذ بسد الذرائع راجع إلى الأخذ بالمصلحة المرسلة - يؤيد
ذلك تعريفنا لسد الذرائع - والمصلحة المرسلة التي أخذنا بها هي
المصلحة الملائمة في الجملة لمقاصد الشارع - ولا تخرج عنها كما قلنا
في شروطها - هناك -، وإذا كان سد الذرائع لا تخرج عن مراعاة
المصلحة، والمصلحة حُجَّة، فإنه يجوز الأخذ بسد الذرائع.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي؛ حيث إنه انبنى على الخلاف في اعتبار
الذرائع والقول بسدها، وعدم اعتبارها، وعلى التوسع بالأخذ بها،
والتضييق في اعتبارها خلاف بين الفقهاء في كثير من الفروع الفقهية،
ومنها:
١ - أن الإمام مالك قد استدل بسد الذرائع على أن الشخص لو
مات وعليه زكاة لم يؤدها ولم يوص بإخراجها من الثلث، فإنه لا
يلزم الورثة إخراجها عنه من تركته، لأنه لو ألزمنا الورثة بذلك
لأدى ذلك بأن يترك الإنسان أداء زكاة ماله طول عمره اعتماداً على أن
الورثة سيخرجونها بعد موته، وربما يتخذ ذلك ذريعة للإضرار بهم.
وخالف في ذلك الإمام أحمد والشافعي، حيث ذهبا إلى أنه يلزم
الورثة إخراجها وإن لم يوص المورث بذلك؛ قياسا على دَين