النوع الثاني: استقراء ناقص، وهو: ثبوت الحكم في كلية
بواسطة إثباته بالتتبع والتصفح لأكثر الجزئيات ما عدا صورة النزاع.
حجيته:
النوع الأول من نوعي الاستقراء، وهو الاستقراء التام اتفق
العلماء على حجيته؛ لكونه يفيد القطع؛ حيث إنه ثبت عن طريق
استقراء جميع الجزئيات.
وأما النوع الثاني - وهو: الاستقراء الناقص - فقد اختلف العلماء
في حجيته على مذهبين:
المذهب الأول: أنه حُجَّة، أي: أن الاستقراء الناقص يفيد الحكم
ظنا.
وهو مذهب الجمهور، وهو الحق؛ لأن تصفح وتتبع أكثر
الجزئيايت مع تماثلها في الأحكام يوجد ظنا غالبا بأن حكم ما بقي من
الجزئيات - وهو قليل - كذلك؛ حيث إنه معلوم: أن القليل يلحق
بالكثير الغالب والعمل بالظن الغالب واجب، لما روي عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر "، وهذا وإن كان واردأ في صيغة الخبر، لكن المراد به الأمر، فالحديث أثبت أن العبرة بالظاهر، والظاهر هو: أن حكم الباقي الذي لم يتتبع ولم يستقرأ كحكم غيره مما تتبع واستقرئ، وعلى هذا يجب اعتبار
الاستقراء حُجَّة عملاً بهذا الظاهر، فكان حجة يجب العمل به.
وانما قلنا: إن الاستقراء الناقص يفيد الحكم ظنا، ولا يفيده قطعا؛
لجواز أن يكون حكم ما لم يستقرأ بخلاف حكم ما استقرئ، فنظراً
إلى هذا الاحتمال الضعيف قلنا: إنه يفيد الحكم ظنا.