فهل يجوز إطلاق اسم " السارق " على " النباش " قياسا بعلة
أخذ مال الغير بخفية، وهل يجوز إطلاق اسم " الخمر " على النبيذ
قياساً بعلة الإسكار والتخمير؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: يجوز إثبات اللغة بالقياس، فيجوز أن يُسمَّى
النباش سارقا، والنبيذ خمراً.
ذهب إلى ذلك بعض المالكية كابن التمار، وأكثر الشافعية كابي
إسحاق الشيرازي، وابن سريج، وابن أبي هريرة، وحكي أنه نص
الإمام الشافعي، وهو قول أكثر علماء العربية كالمازني، وأبي علي
الفارسي، وابن درستويه؛ وهو اختيار أكثر الحنابلة كالقاضي أبي
يعلى، والقاضي يعقوب، وابن قدامة، وهو مذهب أكثر الفقهاء.
وهو الراجح عندي لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول -: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .
وجه الدلالة: أن الاعتبار رد الشيء إلى نظيره بضرب من الشبه،
وهذا عام في إثبات الأحكام، وإثبات الأسماء.
الدليل الثاني: أن الاسم يدور مع الوصف وجوداً وعدماً - وهذا
هو الدوران - والدوران يفيد ظن العلية، فيحصل بذلك ظن أدق
العلَّة لتلك التسمية هو ذلك الوصف، فأينما حصل ذلك الوصف
حصَل ظن كونه مسمى بذلك الاسم، وحينئذ يلزم أن يثبت لتلك
المحال الأحكام المرتبة على ذلك الاسم، فالخمر دار مع الوصف
وهو السكر وجوداً وعدما، أما وجوداً ففي صورة الخمر، وأما
عدما ففي صورة الماء، فوجب أن يُسمى النبيذ أيضا خمراً بالقياس.