المذهب الثاني: أنه لا يجوز إثبات اللغة بالقياس، فلا يجوز أن
يُسمَّى النبيذ خمراً.
ذهب إلى ذلك أكثر الحنفية، وبعض المالكية كالباقلاني، وابن
خويز منداد، وابن الحاجب، وكثير من الشافعية كالغزالي،
والآمدي، وإمام الحرمين، وإلكيا الطبري، وابن القشيري،
واختاره بعض المتكلمين، وجماعة من أهل الأدب واللغة، وبعض
الحنابلة كأبي الخطاب.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها) .
وجه الدلالة: أنها دلَّت على أنه تعالى علمه جميع الأسماء،
وهذا يدل على أنها توقيفية، فيدل على عدم وجود اسم يفتقر فيه
إلى القياس.
جوابه:
أنا قلنا في المسألة السابقة: إن هذه الآية ليست صريحة في دلالتها
على ذلك، فيجوز أن يكون علمه البعض بالتوقيف، والبعض
بالتنبيه والقياس، والجميع من علم اللَّه تعالى، كما أن الأحكام
الشرعية معلومه من جهة اللَّه تعالى، وإن كنا نعرف بعضها بالنص،
وبعضها بالاجتهاد، ويجوز أن يكون هذا خاصا في حق آدم - عليه
السلام -، ويجوز أن يكون قد علم الجميع بالتوقيف، ومن عداه
يعرف ذلك مرة بالتوقيف ومرة بالقياس، كما أن جهات القبْلة قد
تدرك حساً، وقد تدرك اجتهاداً.
الدليل الثاني: أن وضع اللغة على خلاف مقتضى القياس، بيان
ذلك: