للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقِيَ اللهَ تعالى يَومَ القِيامَةِ أجْذمَ".

ــ

فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف

ووجد سعد ميتًا في مغتسله وقد أحضر جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلًا يقوله ولا يرونه.

قد قتلنا سيد الخز ... رج سعد بن عبادة

ورميناه بسهميـ ... ـن فلم نخط فؤاده

فيقال إن الجن قتلته وقال ابن سيرين أنه بال قائمًا فلما رجع قال لأصحابه اني أجد دبيبًا فمات واختلف في وفاته فقيل مات بحوران سنة خمس عشرة وقيل أربع عشرة وقيل إحدى عشرة وقيل أنه مات ببصرى وهي أول مدينة فتحت بالشام رضي الله عنه قال الحافظ في التقريب روى عنه الأربعة. قوله: (لَقِيَ الله تَعالى يوم القيامةِ أَجْذَمَ) الجذام في الحديث على ظاهره ووجه مناسبة العقوبة أن القرآن نور أي نور ترتاح به النفس وتقر به العين باطنًا وظاهرًا سيماهم في وجوههم فعوقب من فوته

بالترك والإهمال بضده من سواد الوجه وغيره وشناعة الخلقة إذ الجذام داء يحمر منه العضو ثم يسود ويتقطع ويتناثر اللحم وذلك يوجب هجر الناس له ونفرتهم ما أمكن استقذارًا له وخوفًا من شره قال - صلى الله عليه وسلم - فر من المجزوم فرارك من الأسد، فالجذام في الحديث على ظاهره وقيل معناه مقطوع اليد من الجذم القطع واحتج له أبو عبيد كما في الغريبين بقول علي رضي الله عنه من نكث بيعته لقي الله وهو أجذم ليس له يداه ورد بأن الاجذم معنى حقيقي متعارف في الشرع هو ما قدمته ولا يجوز حمله على غيره إلَّا بدليل لما هو مقرر من تعين حمل كلام صاحب الشرع على المعنى الشرعي فإن منع منه مانع شرعي فعلى اللغوي فالعرفي وهذا له معنى شرعي لم يمنع منه مانع فوجب الحمل عليه والفرق بين ما هنا وقول علي رضي الله عنه المذكور واضح فلا يتم احتجاج أبي عبيد إذ البيعة إنما تعقد باليد كما كانوا يفعلون فبين علي كرم الله وجهه أن نكث ما باليد عقوبته قطع اليد لأنه من جنسه وكذلك هنا لأن النسيان الذي هو سبب العقوبة أمر قائم بالقلب وهو رئيس البدن الذي به صلاحه وفساده فسرى فساده إلى جميع البدن فابتلي بالجذام في سائر بدنه لتتم محاكاة العقوبة لما به الذنب وقد صرح بما ذكرناه ابن قتيبة حيث قال الأجذم هنا من ذهبت أعضاؤه كلها وليست يد الناسي أولى بالعقوبة من سائر

<<  <  ج: ص:  >  >>