وَصَلوا عليّ، فإن صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حيثُ كنْتُمْ".
ــ
في السند ولم يعقب المتن بشيء كان ذلك الحكم جاريا في المتن. قوله:(لَا تجْعلوا قبْري عيدا الخ) قال في السلاح يحتمل أن يكون المراد الحث على كثرة زيارته ولا تجعلوا كالعيد الذي لا يأتي في العام إلّا مرتين ويؤيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - لا تجعلوا بيوتكم قبورًا ولا تجعلوا قبري الخ. أي لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى تجعلوها كالقبور التي لا يصلى فيها اهـ، ونظر فيه السخاوي وتلميذه القسطلاني واستظهر أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أشار بذلك إلى ما في الحديث الآخر من نهيه عن اتخاذ قبره مسجدًا ويكون المراد بقوله لا تجعلوا قبري عيدًا أي من حيث الاجتماع عنده للهو والزينة والرقص وغيرها من المحدثات التي تعمل في الأعياد وذكر بعض شراح المصابيح ما نصه في الكلام حذف تقديره لا تجعلوا زيارة قبري عيدًا ومعناه النهي عن الاجتماع لزيارته - عليه السلام - اجتماعهم للعيد وقد كانت اليهود والنصارى يجتمعون لزيارة قبور أنبيائهم ويشتغلون باللهو والطرب فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته عن ذلك وقيل يحتمل أن يكون نهيه عليه الصلاة والسلام لدفع المشقة عن أمته أو الكراهة أن يتجاوزوا في تعظيم قبره غاية التجاوز، والحث على زيارة قبره الشريف قد جاء في عدة أحاديث لو لم يكن منها إلَّا وعد الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - بوجوب الشفاعة لكان كافيًا في الدلالة على ذلك وقد اتفق الأئمة من بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - إلى زماننا هذا على أن زيارته - صلى الله عليه وسلم - من أفضل القربات اهـ. وفيما نظرا به نظر إذ لا يلزم من ظهور ما ذكراه واستشهدا عليه بكلام شارح المصابيح بطلان الاحتمال الذي أشار إليه صاحب السلاح بل هو احتمال وجيه ولذا قدمه ابن حجر الهيتمي في شرح المفصلاة في الأقوال في معنى الحديث وزاد وقيل العيد اسم من الاعتياد يقال عاده واعتاده وتعوده صار له عادة أي لا تجعلوا قبري محلًا لاعتياد المجيء إليه متكررًا تكريرًا كثيرًا بحيث يؤدي إلى الملل وسوء الأدب وسقوط الإعظام والإجلال بالظاهر والباطن
ومن لم يقدر على ذلك فليصل عليّ فإن فيها كفاية عن ذلك كما رمز لذلك - صلى الله عليه وسلم - بقوله عقب النهي وصلوا عليّ الخ. قوله:(فإِن صَلاتَكمْ تَبلُغُني حيث كُنتُمْ) قال في المسالك قال القاضي البيضاوي وذلك لأن النفوس القدسية إذا تجردت عن العلائق البدنية عرجت واتصلت بالملأ الأعلى ولم يبق لها حجاب فترى الكل كالمشاهد بنفسها أو بأخبار الملك لها وفيه