للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأستَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِك، وأسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعْلمُ ولا أعْلمُ، وأنتَ عَلّامُ الغُيُوبِ،

ــ

حقيقته إلَّا من علمه كذلك وليس ذلك إلّا إليك فلا يطلب من غيرك. قوله: (وَأَسْتَقدِرُكَ بِقُدْرتِكَ) أي أسأل منك أن تقدرني على

خير الأمرين وأن تقدر لي الخير أو قدره بسبب أنك القادر الحقيقي إذ لا يمكن أحدًا أن يعمل عملًا إلَّا إذا قدرته وجوز بعضهم كون الباء فيها للاستعانة على حد بسم الله مجريها ومرساها أي أسأل خيرك مستعينًا بعلمك فإني لا أعلم فيم خيري وأسأل منك القدرة مستعينًا بقدرتك إذ لا حول ولا قوة إلَّا بك، واستبعد، والفرق بينها وبين الآية واضح ويحتمل كونها للقسم مع الاستعطاف والتذلل كما في رب بما أنعمت علي. قوله: (وأَسأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيم) أي أسألك ما ذكر طالبا من فضلك العظيم الذي تفضلت به على العباد وهذا إطناب وتأكيد لما قبله ومقام الدعاء حقيق بذلك أن الله يحب الملحين في الدعاء وقيل من فيه للسببية أي سبب السؤال إنما هو محض جودك والإفضال لا الاعتماد على شيء من صالح الأعمال أو سنين المقامات والأحدال بل الاعتماد على محض الفضل والإحسان والله أعلم. قوله: (فَإِنَّكَ) علة لذكر سبية العلم والقدرة. قوله: (تَقْدِرُ) هو بكسر الدال رواية أي تقدر على سائر الممكنات المتعلق بها إرادتك. قوله: (وتَعلَمُ) أي كل شيء جزئي وكلي وغيرهما ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. قوله: (علَّامُ الغُيوب) بكسر الغين وضمها كل ما غاب عن العيون سواء كان محصلًا في القلوب أو لا كذا في النهاية فلا يشذ عن علمه شيء من الغيوب ولا يحيط أحد من الخلق بشيء منها إلَّا بتخصيصه بالاطلاع على جزئيات قليلة منها وكأن حكمة تقديم القدرة أولًا وثانيًا عن العلم عكس الأول أن الباعث على الاستخارة شهود أن علمه تعالى محيط بسائر الكليات والجزئيات فكان تقديم العلم ثم أنسب ولما فقد وقع سؤال القصة وشهود القدرة على المسؤول أكمل من شهود العلم به إذ هي المتكفلة بنيل المطلوب فقدم في كل من المقامين ما هو أنسب به وإن احتيج إلى شهود العلم والقدرة في كلا المقامين.

<<  <  ج: ص:  >  >>