للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذا الأمرَ خَير لي في دِيني ومَعاشي وعاقِبَةِ أمري -أو قال: عاجلِ أمري وآجلِهِ-

ــ

قوله: (إِن كنتَ) قيل معناه إنك تعلم فأوقع الكلام موقع الشك على معنى التفويض إليه والرضا بعلمه فيه وهذا النوع يسميه أهل البلاغة تجاهل العارف ومزج الشك باليقين وقال في الحرز لا خفاء في أنه غير مناسب للترديد الذي بني أمره على معرفة الله تعالى وجهل العبد به فالظاهر أن الشك بالنظر إلى المستخير لأنه ليس بمعين عنده بل هو متردد في أن علم الله سبحانه هل هو يكون الأمر خيرًا أو شرًّا لا في أصل العلم لأنه من المعلوم بالضرورة من الدين. قوله: (الأَمرَ) اللام فيه للعهد الذهني أي الأمر المتردد فيه من حج أو غيره ومن ثم يسن تسميته كما سيأتي آخر الحديث. قوله: (في دِيني وَمَعَاشي) أي بأن لا يترتب عليه ضرر ديني أو دنيوي فقدم المديني لأنه أهم المهمات وفي الصحاح العيش الحياة وقد عاش الرجل معاشًا ومعيشًا وكل منهما يصلح أن يكون مصدرًا وإن يكون اسمًا مثل سحاب وحبيب وقال ميرك يحتمل أن يكون المراد بالمعاش الحياة ويحتمل أن يكون المراد ما يعاش فيه ووقع في حديث أبي مسعود عند الطبراني في الأوسط في ديني ودنياي وفي حديث أبي أيوب عنده أيضًا في الكبير في دنياي وآخرتي. قوله: (أَو قَال عَاجِل أمرِي وآجلهِ) العاجل أمر الدنيا والآجل من أمر الآخرة وقال ابن الجزري أو في الموضعين للتخيير أي أنت مخير إن شئت قلت عاجل أمري وآجله وإن شئت قلت معاشي وعاقبة أمري اهـ.

وقال الحافظ العسقلاني الظاهر أنه شك من الراوي هل قال - صلى الله عليه وسلم - وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله وإليه ذهب القوم حيث قالوا هي على أربعة أقسام خير في دينه دون دنياه وهو مقصود الإبدال وخير في دنياه فقط وهو حظ حقير وخير في العاجل دون الآجل وبالعكس وهو أولى والجمع هو الأفضل ويحتمل أن يكون الشك في أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال بدل هذه الألفاظ الثلاثة في عاجل أمري وآجله ولفظة في المعادة في قوله في عاجل أمري ربما تؤكد هذا وعاجل الأمر يشمل الدنيوي والديني والآجل

<<  <  ج: ص:  >  >>