للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أصحابنا: ويحرم رفع الصوت بإفراط في البكاء.

وأما البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة، فليس بحرام.

فقد روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، فبكي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى القوم بكاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا، فقال: "ألا تَسْمَعُونَ أن اللهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْع العَينِ وَلَا بحُزْنِ القَلْب، وَلكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذا أوْ يَرْحَمُ"، وأشار إلى لسانه - صلى الله عليه وسلم -.

وروينا في "صحيحيهما"

ــ

قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث غريب أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن موسى عن محمد بن ربيعة عن محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه عن جده عن أبي سعيد وعطية والحسن ضعيفان وقد أخرجه البزار والطبراني من حديث ابن عباس وفي سنده ضعيفان أيضًا اهـ. قوله: (قَال أَصحَابُنَا الخ) نقله في المجموع عن امام الحرمين ثم نقل عن غيره إن محله إذا كان مختارًا قال فإن كان مغلوبًا عليه لم يؤخذ به لأنه غير مكلف. قوله: (مِنْ غيرِ ندبٍ ولا نياحةٍ) أي ولا إفراط في رفع صوت فليس بحرام بل نقل جماعة الإجماع على عدم تحريمه لكن الأولى تركه بعد الموت للخبر الصحيح فإذا وجبت فلا تبكين باكية أما قبله فمباح وفرق بأنه بعده أسف على ما فات بخلافه قبله.

قوله: (وَروَينَا في صحيحَيِّ البُخَارِيِّ ومسلم) قال الحافظ ورواه أبو عوانة في صحيحه. قوله: (فبكى) أي لما دخل فوجده في غشية كما في الصحيح فسأل عنه فقال قد قضى فقالوا لا فبكى. قوله: (فَقَال الخ) أي لما بكي ورآهم بكوا معه خشى أن يتوهموا جواز البكاء بأنواعه مطلقًا فاحتاج إلى تفصيل ذلك واستنصتهم لأن البكاء شغلهم. قوله: (إِنما يعذِّبُ بهذا أَو يرحَم) أي فإن قال خيرًا رحم به وإن قال شرًّا كنوح عذب به وما أفهمه الخبر من جواز البكاء أي إذا خلا عن النوح ونحوه نقل بعضهم فيه الإجماع كما تقدم.

قوله: (وَرَوَيَنَا في صحيحيهمَا) قال الحافظ هذا حديث صحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>