للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن التعزية هي التصبير، وذكر ما يسلِّي صاحب الميت، ويخفِّف حُزْنَه، ويهوِّن مصيبَته، وهي مستحبَّة، فإنها مشتملة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهي داخلة أيضًا في قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وهذا أحسن ما يستدلُّ به في التعزية.

وثبت في الصحيح، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخِيهِ".

واعلم أن التعزية مستحبَّة قبل الدفن وبعدَه. قال أصحابنا: يدخل وقت التعزية من حين يموت،

ــ

وقيل أربع وخمسين، قيل توفي في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة، والصحيح إنه توفي بعد الخمسين لأن محمد بن سيرين روى عنه إنه كلّم معاوية بكلام شديد لما أراد البيعة ليزيد روى عنه ابنه محمد، والنضر بن عبد الله السلمي كذا في أسد الغابة. قوله: (واعْلم أَن التعْزِية الخ) هذا معناها شرعًا وسبق معناها لغة في الحديث أول الباب. قوله: (وذِكْرُ مَا يُسَلى صَاحبَ المَيتِ) أي بوعد الأجر على الصبر على المصائب والتذكير بأن لله تعالى ما أعطى ولله ما أخذ والأمر كله لله وعظم كرم الله للقادم عليه ومزيد إحسانه إليه وقد رضي بقضائه وصبر نفسه على ابتلائه. قوله: (وهي مُسْتحَبةٌ) أي على سبيل التأكيد ويسن تعزية جميع أهل الميت ولو صغارًا أو نساءً بتفصيله السابق فيهن والسيد بمملوكه بل ويعزي كل من حصل له وجد بفقده بخلاف الشامت الفرح بالموت لأن المطلوب بالتعزية من التصبير الخ. منتف في حقه ويندب البداءة بأضعفهم عن حمل المصيبة وتخصيص أفضلهم بمزيد تلطف ودعاء. قوله: (عَلَى الأَمْرِ بالمعروُفِ) وهو الصبر على المصيبة والرضا بالقضاء. قوله: (والنهي عنِ المنكر) من التبرم والضجر من الأقدار والاعتراض على ذلك المقتضى لعظيم الأوزار. قوله: (وهَذًّا) أي اشتمالها على الأمر وعلى النهي عن المنكر ودخولها في التعاون على البر المأمور به بالآية الشريفة. قوله: (وثَبتَ في الصحِيح) أي من جملة حديث طويل رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة هو من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>