للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبقى إلى ثلاثة أيام بعد الدفن. والثلاثة على التقريب لا على التحديد، كذا قاله الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا.

قال أصحابنا: وتكره التعزية بعد ثلاثة أيام، لأن التعزية لتسكين قلب المصاب، والغالب سكونُ قلبه بعد الثلاثة، فلا يجدِّدُ له الحزنُ، هكذا قاله الجماهير من أصحابنا. وقال أبو العباس ابن القاص من أصحابنا: لا بأس بالتعزية بعد الثلاثة، بل يبقى أبدًا وإن طال الزمان، وحكى هذا أيضًا إمام الحرمين عن بعض أصحابنا، والمختار أنها لا تفعل بعد ثلاثة أيام إلا في صورتين استثناهما أصحابنا أو جماعة منهم، وهما إذا كان المعزِّي أو صاحب المصيبة غائبًا حال الدفن، واتفق رجوعه بعد الثلاثة، قال أصحابنا: التعزية بعد الدفن أفضل منها قبلَه، لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم ير منهم جزعًا شديدًا، فإن رآه قدَّم التعزية ليسكِّنهم، والله تعالى أعلم.

ــ

والآخرة ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه الحديث. قوله: (ويَبْقى إِلى ثَلاثَةِ أَيامٍ) بعد الدفن وقيل ابتداؤها من الموت وهو

ظاهر كلام الروضة وبه صرح جمع قال في شرح الروض والقول بأنه من الدفن مفرع على ابتداء التعزية منه أيضًا لا من الموت كما أفصح به الخوارزمي فقول النووي في المجموع وغيره وقتها من الموت إلى الدفن وبعدها بثلاثة أيام مراده به ما قلناه بدليل قوله بعد فذكرنا أن مذهبنا استحبابها قبل الدفن وبعده ثلاثة أيام وبه قال أحمد اهـ. لكن المتجه كما قال بعض المتأخرين ما في المجموع وغيره أنها من الدفن وإن صرح جمع بخلافه وأولوا عبارته بما تنبو عنه. قوله: (بعْدَ ثَلاثَةِ أَيامٍ) من الدفن كما علمت ما فيه. قوله: (والمخْتارُ أَنَّها لَا تُفعلُ بعْدَ الثَلاثَةِ الخ) قال المحب الطبري وارتضاه الإسنوي والظاهر ابتداؤها بعد القدوم بثلاثة أيام ويلحق بالغيبة المرض وعدم العلم كما صرح به ابن المقري في شرح الإرشاد ومثله الحبس كما بحثه الأذرعي قال ابن حجر في الامداد وينبغي أن يلحق بهذه ما يشبهها من

<<  <  ج: ص:  >  >>