للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستانسَ بكم، وأنظرَ ماذا أراجع به رسل ربي.

قلت: قوله: شُنُّوا، روي بالسين المهملة وبالمعجمة، ومعناه: صُبُّوه قليلًا قليلًا. وروينا في هذا المعنى، حديث حذيفة المتقدِّم في "باب إعلام أصحاب الميت بموته"، وغير ذلك من الأحاديث، وفيما ذكرناه كفاية وبالله التوفيق.

قلت: وينبغي أن لا يقلد الميت ويتابع في كل ما وصَّى به، بل يُعْرَضُ ذلك على أهل العلم، فما أباحوه فُعل، وما لا فلا. وأنا أذكر من ذلك أمثلة، فإذا أوصى بأن يدفن في موضع من مقابر بلدته، وذلك الموضع مَعْدن الأخيار، فينبغي أن يحافظ على وصيته، وإذا أوصى بأن يصلي عليه أجنبي، فهل يقدَّم في الصلاة على أقارب الميت؟ فيه خلاف للعلماء، والصحيح في مذهبنا:

ــ

الجنازة بالنار بمبخرة أو غيرها بالإجماع لأنه تفاؤل قبيح، ومن ثم قيل بحرمته وكذا عند القبر نعم الوقود عندها المحتاج إليه لا بأس به، ومن ثم حين التجمر عند الغسل للحاجة إليه. قوله: (ثُمَّ أَقيمُوا إلى آخره) فيه فوائد. منها إثبات عذاب القبر بعد الدفن بقدر ما ذكر وأن الميت يسمع ويأنس من داخل القبر ذكره المصنف في شرح مسلم. قوله: (شِنُّوا) روي بالسين المهملة.

قلت وعليه اقتصر في النهاية. قوله: (فَمَا أباحُوهُ فعلَ) بالبناء للمجهول، وفي نسخة فعل بالبناء للفاعل وفاعله ضمير يرجِع إلى الفاعل المفهوم من فعل وكلا الوجهين في قوله يعرض للمذكرر قبله. قوله: (فإِذَا أَوْصى أن يُدْفنَ الخ) لما ورد في الحلية عن أبي هريرة مرفوعًا ادفنوا موتاكم بين قوم صالحين فإن الميت يتأذى بالجار السوء كما يتأذى الحي بالجار السوء، وفي الجامع الكبير للسيوطي وأخرجه الخليلي في مشيخته وقال غريب جدًّا عن أبي هريرة وأخرجه ابن عساكر عن علي وابن مسعود وابن عباس اهـ، قال الجلال السيوطي الأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله تعالى وحقوق عباده وتتفاوت درجات اهـ. قوله: (معِدنُ الأَخيَار) أي مدفنهم ففيه استعارة مصرحة شبه مدفن من ذكر بالمعدن

<<  <  ج: ص:  >  >>